كان هذا الكتاب يطمح إلى تقديم فهرست تاريخي مبوّب للأدب في تونس، ولكن قامت دون هذا الطموح عوائق، منها مفهوم الأدب ذاته الذي تطوّر تطوّرا جذريّا حتى لكأنّ مفهومه الجاري في العربية اليوم منقطع عمّا كان يدلّ عليه في أمّهات الأدب العربي القديم وفي العصور الكلاسيكيّة قبل الإسلام. ولهذا فضّل صاحب الكتاب الابتعاد عن كلمة «أدب » وتعويضها «بمؤلّفات »، تحرّزا من الخلط. ثم إنّه أدرج هذه المؤلفات في حيّز لم تكن حدوده الجغرافيّة مضبوطة في العصور القديمة، إذ كانت تضيق وتتّسع حسب تقلبات السلطة. ولذا فهو فهرست تاريخي أكثر منه إقليميّ. ومن المؤلّفين المذكورين من ليس أصلا من تونس ولم يمكث بأرضها طويلا، ولكن تمّ إدراجه والتعريف بمؤلّفاته على أساس أنها تحمل شيئا من مميزات تونس، وأنّ صاحبها شارك في الحياة الثقافيّة والأدبيّة. وفي خصوص اللغة، ذكرت مؤلّفات بغير اللغة العربيّة على أساس أنّ الروح التونسية يمكن أن تتجسّد في لغات عدّة. أمّا المكان فهو الأمصار والمدن الكبرى التي لا تتأثر حياتها الثقافيّة والفكريّة بالأحداث السياسيّة وتعاقُبِ الدول تأثرا مباشرا، فكان هذا الفهرست يدور حول قرطاج والقيروان والمهديّة وتونس. واختار المؤلف أن يورد المؤلّفات تباعا، دون الفصل بين ما هو بالعربيّة وما هو بغير العربيّة، ولم يترجم إلاّ عناوين المؤلّفات التي اعتبرها تونسيّة، ليعلم القارئ العربيّ ما في عناوين هذه الكتب، وما عدا ذلك أبقاه على أصله. وأخيرا اعترف صاحب الكتاب أنّه قام بعمل فرديّ قد ينتابه النقص، وكان الأولى في رأيه أن تتعاون عليه جماعة من الباحثين والدارسين المختصّين.