هذا نصّ محاضرة ألقاها، في نطاق «منابر بيت الحكمة »، الأستاذ هنري لورانس، الأستاذ «بالكوليج دي فرانس » والمؤرّخ المختصّ في شؤون العالم العربي المعاصر. من المعلوم أنّ آمالا عريضة عقدت على قدرة الولايات المتّحدة الأمريكيّة على استعمال نفوذها لمساعدة شعوب الشرق الأوسط، والعرب بالخصوص، على تجسيم طموحاتها المشروعة إلى الاستقلال والتنمية وبالتالي إلى الديمقراطيّة والعدالة الاجتماعية. لكنّها خيّبت الآمال على مرّ السّنين، بسبب مساندتها غير المشروطة لإسرائيل وحمايتها الغريبة لجميع أشكال الظلم والطغيان المسلّطة على الشعب الفلسطيني. أمّا بعد اندلاع حرب العراق الأولى ثمّ الثانية، فقد تحوّل الشكّ والارتياب إلى كراهيّة صريحة تجاه هذه الدولة التي كان يمكن في ظلّ ظروف مغايرة أن تكون صديقة للعرب. وفي هذه المحاضرة، قدّم الأستاذ هنري لورانس ملفّا شاملا وبليغا عن تاريخ العلاقات بين الولايات المتّحدة والعالم العربي، مبرزا تدهورها التدريجيّ وأسباب فقدان العرب لتأثيرهم في أمريكا، وكذلك فقدان الأمريكان لمصداقيّتهم في البلدان العربية. ويلاحظ المحاضر أنّ هؤلاء ليس لهم وعي تماما بالتداعيات المنجرّة عن سياستهم في الشرق الأوسط وأنّهم – منذ بداية التسعينات وتنامي الحركات الجهاديّة المناوئة بعنف لهيمنتهم – أطلقوا عليها اسم «الإرهاب » لتسويقه للرأي العامّ الخارجي.