ليس من السهل أن نتناول شخصية مثل شخصية الحسين بن علي بالدرس.فهو يمثل جزءا من الإرث الجمعي الشعبي في تونس,إرث تعتد به الجماعة,و تحرص على أن تمرره إلى أفرادها بحيث يستنبطه كل منهم ليختزن صورا و أفكارا تنبثق في ذهنه كلما تفكر في الحسين أو جاء ذكره بحضوره .فبالحسين يقترن انطباع طريف,وهو أنه صغير السن ولا نشك في أن ماألقى هذا الانطباع الخاطئ في مخيلتنا ,هو ذاك الحديث المتداول القائل بأن الحسين "سيد شباب أهل الجنة".و بالحسين تقترن ملامح من ذكريات الصبا الضبابية,التي رأينا فيها بعض الصبية يقفزون على النار المضرمة في بعض شوارع تونس يوم عاشوراء,مستجيبين في ذلك لرغبة آبائهم و أمهاتهم اللاتي كن يميزن البنات بتكحيل عيونهن,فتشعر أولئك الفتيات بنخوة الارتقاء إلى مصاف النساء الكبيرات,و يغنمن مع ذلك فرصة التجمل,وهو حلم كل البنات قبل أن ينلن الإذن بذلك...و بقيت ملامح الحسين لدينا ضبابية حتى بعد تقدمنا في السن:فلم نكن نعرف أعاشوراء ذكرى فرح أم ذكرى حزن؟ و لم نميز بوضوح بين الضحية و المجرم في الحكاية المتداولة بين الصبيان,عن لعب يزيد لعبة"كرة القدم" برأس الحسين,فكام ذلك حسب تلك الخرافة أول اكتشاف للعبة الكرة لا في تاريخ العرب و حسب بل و في تاريخ البشرية كلها ! كانت كل تلك الأفكار المتضاربة تتداخل في مخيلتنا حين تصدينا بالدرس لشخصية الحسين,و صرنا نعقل الفرق بين السنية و التشيع في موقفهما إزاء الشخصيات الكبرى في التاريخ الإسلامي القديم.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات