إذا سلّمنا جدلا أنّ الباحث جزء لا يتجزأ من مجتمعه، صار من حقّه ومن واجبه حمل هموم قومه، ومشاركتهم آمالهم وآلامهم لأنّ «المثقّف الذي لا يتحسّس آلام شعبه لا يستحق لقب مثقّف»، وبالتّالي وجب على المثقّف العربي مراعاة آداب الخطاب، فلا يخاطب النّاس بمبهم الأفكار التي لا يدركون معانيها، ولا بغريب الكلام الذي لا يفهمونه، خاصة إذا تعلّق الأمر بشرح مختلف التّحولات الحاصلة داخل المجتمع، والكشف على محركاتها الخفية بأسلوب علمي سلس، يقيل العقل الأنثروبولوجي الجمعي المهيمن على العامة من عثراته، ويخفّف من معاداتهم للعلوم الإنسانية عموما، وتكفّيرهم العلوم الاجتماعية خصوصا، عملا بقاعدة «حدّثوا النّاس بما يفهمون أو يعرفون»