هذا الكتاب محاولة للإجابة عن سؤال قديم-متجدد طالما شغل الانسان وحيره على مر العصور، وهو موضوع السحر والشعوذة الذي نعتبره اشكالا جديرا بالدراسة في المجتمع التونسي بعد التطور الملحوظ لهذه الممارسات وأصبح ملجئا للعديد من طالبي الحاجة في مجالات متعددة.
من هنا، فإن هذا المؤلًف الذي كان مجهود عمل نظري وميداني طيلة 7 سنوات من البحث والتمحيص يحوم حول اشكالية مركزية: إلى أيّ مدى يمكن اعتبار السحر والشعوذة ظاهرة اجتماعية، باعتبارها تجمع طرفين اجتماعيين: المشتغل والمستفيد؟
هذه المحاولة في تقصي أبعاد الظاهرة السحرية حرّكتها بعض الهواجس الأنطولوجية والذاتية التي حتمت علينا أن نغامر في فكّ بعض المغاليق المتصلة بهذا المعطى الإشكالي في سياقه السوسيو-أنثروبولوجي انطلاقا من المجتمع التونسي والذي منه الواقع البنعوني.
وفي هذا الكتاب تجاوزنا البعد الوصفي والسردي للظاهرة السحرية وركزنا بالأساس على الجانب العلائقي بين الفاعل الاجتماعي والصناعات السحرية والشعوذية وما تخفيه من مواقع حيرة أمكن ادراج بعض مضامينها في ميكروسوسيولوجيا الجريمة وخلق أنّات متباينة يعجز عنها الوصف من هول الكارثة !
إن هدفنا من هذا الكتاب هو تفكيك الظاهرة السحرية والشعوذية وما يحيط بهما من تساؤلات متباينة وبالتالي مواطن حيرة ما فتئت تتفاقم كلما ارتبطت بتطلعات الأفراد داخل المجتمع وهي شديدة التشابه بين كل أقطار العالم العربي والذي منه تونس التي اخترنا منها عينة الدراسة: منطقة سيدي علي بن عون.
نأمل أن يكون هذا العمل مرجعا أكاديميا للبحاث في مجالات العلوم الانسانية والاجتماعية ولعموم القراء الذين تراودهم باستمرار عديد الأسئلة من نوع هل السحر حقيقة أم وهم؟.. علّه يجيب على بعض ما تحمله هواجسهم من تساؤلات حول الظاهرة موضوع الدراسة.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات