علينا أن نحترس من أيّ فهم "أخلاقوي" لكتابات نيتشه: مثلا أن نعتبره معارضا يائسا للأنوار الحديثة أو داعيا خطيرا إلى البربرية أو عدوّا للسامية أو قوميا متعصّبا أو جماعويّا حزينا ضدّ المكاسب الحقوقية للدولة اللبرالية... تلك أفكار مسبقة أخرى، أو ضروب مريضة من الفضول. ــــ إنّه فقط يمارس "أنوارا جديدة" يدفع بها بعيدا عن أيّ أنوار سابقة، بما فيها تلك التي سمّيت راهنا باسم "الأنوار الجذرية"، و هي ليست جذرية إلّا بقدر ما تظنّ أنّ "الإلحاد" الحديث هو الطور الأعلى من كلّ "غريزة حرية". و الحال أنّ نيتشه قد فضح حتى الإلحاد نفسه بوصفه لا يملك توضيحا جذريا حول قيمة الحرية التي يفاخرنا بها. إنّ الإلحاد لم يكن إلى حدّ الآن إلّا إيمانا أو "مثالا نُسُكيًّا" مقلوبا: استيلاء صفيقا على مكان الإله الأخلاقي الذي صار شاغرا، في خلط مزر بين "الإنسان الأعلى"، الذي استولى على الأسماء الحسنى للإله التوحيدي، و بين الإقدام على الذهاب الجسور إلى "ما فوق الإنسان"، بوصفه مطلب الحياة الحرة، التي تتمتع بصحة ميتافيزيقية جيدة، و التي لا تطلب أقلّ من هذا: خلق"نمط بشري" من نوع جديد.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات