كان الشيخ الرئيس أبو علي الحسين ابن سينا ) 980 - 1036 م( من أولائك العباقرة
الذين أخذوا من كل علم بطرف بدءا بالطبّ ومرورا بالقانون والرياضيّات وعلم
الفلك والتربية وعلم النفس والفلسفة. وخلّف أكثر من مائتي كتاب في مجالات
شتّى، منها هذا الكتيّب : «أسباب حدوث الحروف ». ولا نستغرب اهتمامه بالصوتيات
لأنه كان قبل كلّ شيء طبيبا بارعا في فنّ التشريح، فلم تكن تخفى عليه خافية ممّا
تتألف منه الحنجرة من غضاريف.
وتُعدّ هذه الرسالة من أطرف ما صُنّف بالعربيّة قديما في مجال الصوتيات، وهي
تنقسم إلى ستّة فصول :
« -1 سبب حدوث الصوت ». حيث يبيّن كيف أنّ الصوت يحدث إمّا عن قرع أو عن قلع.
« -2 سبب حدوث الحروف ». وفيه يبيّن أن الحروف تحدث في المخارج ويميّز منها
المفرد والمركّب، وهنا يظهر أثر أرسطو.
-3 تشريح الحنجرة إلى ثلاثة غضاريف، وفيه يظهر الطبيب الجرّاح.
« -4 الحروف العربية ». وقد وصف نطقها عضويّا ورتّبها بدءا من الحلق على
طريقة الخليل بن أحمد، أقدم النحاة العرب )ق 2 ه/ 8 م(.
-5 حروف غير عربيّة سمعها من ألسن أخرى لم يذكر منها إلاّ الفارسية التي كانت
لسانه الأصلي، ومنها الفاء الشبيهة بالباء )وهي v( والباء المشدّدة )وهي ...)p
« -6 في أنّ هذه الحروف من أيّ الحركات غير النطقيّة تسمع ». وفيه مقارنة بين
الأصوات اللغوية والأصوات الطبيعية الأخرى.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات