تعتبر القصّة الأدبيّة من أعرق ضروب النّتاج الأدبي، و هي متلوّنة في مسارها (موضوعا و أسلوبا و رؤية) بمعطيات الفكر و الحضارة المتباينة بين ثقافات الأمم المختلفة عبر العصور، و لهذا شهدت تطوّرا في أركانها و خصوصا في أدواتها، و لعلّ آخرها ظهورا ما يتعلّق بباطن الشخصيّة الذي ما انفكّت دراساته مدار تجويد و ترقّ في الغرب، و لكنّ هذا المبحث مازال يخطو خطواته الأولى المتعثّرة في الدراسات العربيّة. و من هذا المنطلق يُعدّ هذا المبحث إحدى البواكير التي تمثّل لبنة هامة في هذا البناء الطّارف خصوصا و قد أناره مؤلّفه بطائفة من المعارف الغربيّة الدقيقة طوّعها لفهم أهمّ وجوه المسألة (في أبرز أطوارها و ألوانها)، و لتحليل تقنياتها الرئيسية و لاقتراح جملة من الطرائق المناسبة في دراستها قبل أن يطرح ما اتّصل بباطن الشخصيّة القصصيّة من قضايا بعضها حصير القصّة تطوّرا أو ممارسة، و بعضها الآخر منفتح على قضايا الأدب و الواقع و حتى على مفهوم الفنّ و المعرفة. و قد استعان الباحث على هذا كلّه بمراجع مكتوبة بلغات عديدة ووضّحه بشواهد قصصيّة (غربيّة و عربيّة) فكان الحاصل تدبّرا دقيقا لمبحث عسير جديد، و هو يعدّ إسهاما في مدّ جسور التواصل العلمي المختص بين المعارف الغربيّة و المستلزمات العربيّة.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات