حاول الأستاذ عبد المجيد التركي، في النصّين المقدّمين هنا، الإجابة عن سؤال أساسيّ
هو : هل الإسلام قادر على التكيّف مع الحداثة والقبول بالنقد الحرّ ؟
النصّ الأوّل عنوانه : «الشرعيّة والمشروعيّة في فقه القانون الإسلامي تجاه النقد
الحرّ »، وفيه يحلّل المؤلّف بعض المظاهر من الاجتهاد التي طبعت الحداثة القانونية
بطابعها ويختار مجالين حسّاسين هما : مجلّة الأحوال العائلية وقانون الإجراءات
الجزائيّة والإجراميّة. والملاحظ أنّ التشريع القرآني دقيق في هذين المجالين وكثير
التفاصيل. في المجال الأوّل، اتجه الاجتهاد نحو مساندة المساواة بين الرجل والمرأة في
العلاقات الاجتماعيّة، وأحرز مكاسب في تركيا وتونس، ازدادت على مرّ السنين تجذّرا
وانتشارا. أمّا في خصوص الشريعة والعقوبات، فإنّ الحركة السلفية مازالت قويّة في
بلدان إسلاميّة عديدة مثل أفغانستان وباكستان وغيرهما، وتتمثل المشكلة في إيجاد نوع
من التوازن بين تطبيق حدود الله بكلّ صرامة ومراعاة حقوق الإنسان المنادية بشيء من
اللين. أمّا النصّ الثاني فعنوانه : «تطوّر إبداعيّ مستمرّ في فقه القانون أو مشكلة غلق
باب الاجتهاد ». ويرتكز المؤلّف على عقلانيّة الشرعيّة السُنّيّة لإبداء شكوكه في مزاعم
غلق باب الاجتهاد، وهو يرى أنّ الاجتهاد في عهد النبيّ محمد صلّى الله عليه وسلم كان
يحظى بالتشجيع، في حين كان التقليد منبوذا، إذ يوجد في القرآن الكريم ما يؤيد هذا
المنحى. ولقد التجأ الأئمّة إلى «الحيل » و «سدّ الذرائع » و «الاستصحاب » في ظروف
عدّة، وما هي إلاّ ضروب من الاجتهاد. وفي هذين النصّين، يقدّم الأستاذ عبد المجيد
التركي حججا مقنعة مبنيّة على سعة اطلاع ورأي ثاقب، بغية الإجابة عن الأسئلة التي
تطرح على مسلمي أوروبا والتي قد تبدو غير منتظرة بالنسبة إلى مسلمي الداخل.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات