مقاصد الشريعة الإسلاميّة مبحث دقيق من المباحث الفقهيّة والقانونيّة يذكّر في العصر الحديث بكتاب «روح القوانين » لمونسكيو، ويكشف عن رؤية تتحرّر من استحواذ المنزع النصّي على التشريع، وتروم الانفتاح على الفكر والتاريخ الإنسانيّين. في هذا الإطار، كتب الشّيخ محمّد الطاهر بن عاشور )المتوفّى سنة 1973 ( كتابه: «مقاصد الشّريعة الإسلاميّة » إخراجا للعقل الفقهي من الانكفاء إلى «بادئ الرأي أو سابق الاجتهاد أو قول الإمام والأستاذ »، فأعلن أنّ التّشريع ليس إلاّ خلاصة عمل العقل في تحليل الواقع وفهم النصّ الدّيني، وأنّ هذا العمل لا يعرف التوقّف تبعا لاختلاف منازع العلماء وتفاوت أفهامهم المرتبط بتبدّل الزّمان والمكان وتطوّر المعارف وتحوّل المجتمعات المتولّد عن تغيّر الذهنيّات وحدوث المستجدّات. وجاء تأليف سماحة الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة لكتاب الأستاذ الإمام وكتابه مقاصد الشريعة الإسلامية في ثلاثة مجلدات عملا تحقيقيا جامعا وغير مسبوق. وكان لزاما أن يفسح المجمع التونسي «بيت الحكمة » المجال لالتقاء جمع من المختصّين للتباحث والتحاور حول مقاصد الشريعة وما يمكن أن توفّره من أرضية فكريّة تتيح التواصل مع الآخر الثقافي والحضاري بثقة وتبصّر، وعلى أساس التكافؤ لا على أساس التّمايز. وكان هذا الكتاب ثمرة ذلك اللّقاء.