بمناسبة مرور سنة على وفاة الدكتور سليّم عمّار، انتظمت بمبادرة من «بيت الحكمة » تظاهرة علميّة حول «تجديد علم النفس المرضيّ بتونس » شارك فيها جمع غفير من زملائه وأصدقائه وتلاميذه، وأجمعوا كلّهم على أنّ الفقيد سيظلّ رمزا للطبّ التونسي المعاصر. فقد كان يتحلّى، بلا منازع، بخصال المعلّم المقتدر والرائد السبّاق والعالم المتبحّر الوفيّ لجذوره وأصالته. وفوق هذا كلّه، كانت له جاذبيّة فائقة جعلت منه رجل اتّصال وحوار نادر المثال. كان سليّم عمّار رائدا لا فحسب، لأنّه أرسى عندنا قواعد الطبّ النّفسي وعلم النّفس السّريري اللّذين أصبح لهما اليوم موروث يحسدان عليه وصارا يتمتّعان بكفاءات عالية، بل لأنّه استطاع أيضا أن يكون الأوّل في عدّة مجالات بفضل سعيه الدؤوب ويقظته المستمرّة وقدرته على استباق الأحداث والأفكار. وكان رائدا أيضا في دفاعه عن المرضى ومقاومته «للتسييج بقضبان الحديد » واستعمال «الأقمصة الجبريّة ». لقد دعا المجنون إلى أن يصبح إنسانيّا، وأن يشعر بنفسه محدّد الموقع ونافعا، بفضل علاج ملائم كفيل بإدماجه تدريجيّا في المجتمع. لكنّ العلم عنده لم ينحصر في ما أنجزه من أعمال بل كان يريد فهم أسسه ومقوّماته، فمضى سليّم عمّار ينقّب عن الماضي ويستكشف آثاره. فإذا بتاريخ الطبّ يصبح بفضل أبحاثه ملحمة، ويغدو الأطباء في الإسلام والطبّ العربيّ والمغاربيّ حقيقة ملموسة ومفخرة للجميع. وساعدت، كلّ من جمعيّة الطبّ النفسي والجمعيّة التونسيّة لعلم النفس، في إحياء هذه الذكرى وألقيت عدّة مداخلات في مجال علم النفس المرضيّ دلّت دلالة واضحة على أنّ أصحابها خير خلف لخير سلف.