لم يكن ثمّة في تونس، قبل أربعين سنة، محلّلون نفسيّون بأتمّ معنى الكلمة. أمّا
أطبّاء الأمراض العقليّة، فكانوا لا يعترفون بجدوى المعالجة بواسطة الكلام. لكنّ
الأمور تغيّرت تغيّرا ملحوظا منذ ذلك الوقت. لقد أضحى المحلّلون النفسيّون في
الداخل والخارج يعتقدون أنّ التحليل النفسي يستطيع أن يقول أشياء أساسيّة ويساهم
مساهمة فعّالة في تحليل مصير مجتمعاتنا الإسلاميّة. ومن جهته، تطوّر التحليل
النفسي تطوّرا كبيرا.
إنّ المقاربة الاقتصادويّة الصّارمة جرّتنا جرّا إلى التهافت على الرخاء المادي،
لكنّ ما ظننناه رخاء كان في الغالب شقاء، فإذا بنا نواجه صعوبات جمّة ومشاكل
عويصة. إنّنا نحتاج إلى استبطان جماعيّ للتعرّف على ما في نفوسنا حقّا، كما نحتاج
إلى نظرة أخويّة ولكن نقديّة ومتبصّرة كي تصارحنا بمدى الجهد الذي يتعيّن علينا
بذله.
ولئن كان العلاج الفردي بالتحليل النفسيّ قادرا على إنقاذنا، فإنّ العلاج الجماعي
الباطني يغدو أعسر وأشقّ على المستوى المنهجيّ والنظريّ والواقعيّ. نعم، يمكننا
التخلّص من الكبت والتطهّر جماعيّا باستخدام وسائل عدّة، لكن وسائل التحليل
النفسي مازالت تحتاج إلى مزيد من البحث، بالاعتماد على الفرضيّات العبقريّة
التي استنبطتها المدارس الفرويديّة واليونغيّة والأدليريّة وغيرها. وهو ما أبرزه
المساهمون التونسيّون والإيطاليّون خلال مداخلاتهم في هذه الندوة.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات