لا شك أن المتأخر من القواعد القانونية جاء نتيجة لتراكمات ثقافية متعاقبة، و أصبح بالإمكان الحديث عن مذاهب و نظريات و مبادئ. و هذا حال أحكام المسؤولية بأنواعها التعاقدية و التقصيرية و الجزائية. فقد مرّ مفهوم الالتزام من أسسه الموضوعية، و رُدّت مصادره إلى أفعال و وقائع قانونيّة بعد أن كانت مشتّتة بين العقد و شبه العقد و الجنحة و شبه الجنحة و القانون. و هكذا الحال بالنسبة إلى مفهوم الخطأ بأنواعه إلى أن قال الفقه بالمسؤولية خارج إطاره...
لكن هذا التفكير بقي إلى حدّ هذا اليوم في مستواه المادي و لم يُتصور يوما أنه بالإمكان إبرام عقود إلكترونية أو الإتيان بأفعال إفتراضية من شأنها الاضرار بالغير، و هذا هو منتهى المعلوماتيّة في يومنا هذا سواء بمعالجتها المستقلة أو بشبكاتها الخاصة أو العامّة، و الأكيد أنّ هذه الممارسة لا يمكن أن تبقى خارج الإطار القانوني. فهل يُكتفى بما توصل إليه الفكر البشري إلى حدّ الآن أم نحن في حاجة إلى إعادة صياغة نظريّات حديثة؟
و فضل هذا الكتاب أنه يعاين جميع التطبيقات المعلوماتية التي يمكن إعتبارها غير مشروعة و يضع لها الأحكام القانونية المناسبة، فهي محاولة لضبط مميزات مسؤولية المتدخلين في إطار التطبيقات المعلوماتيّة و خدماتها.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات