تميّزت رسالة ابن خاتمة بالأولوية في تناول دقيق لموضوع الطاعون بكيفيّة علميّة، دون أن تعدم التفسير الفقهي. أمّا ابن الخطيب فقد قدّم في رسالته مقاربة علميّة بحتة، لا تخلو من الطبيعة الجداليّة مع الطّرف الثّاني الذي عارضه، و هو الشقّ المتعصّب من الفقهاء، و كان ذلك سببا لمحنته. أمّا رسالة الشّقوريّ، فقد اقتصرت على الجانب الطّبيّ البحت دون الخوض في الجوانب الفقهية. كرّس الأطبّاء العرب عموما و الأندلسيون خصوصا التفسير العلمي و دعوا إليه بكلّ وضوح أحيانا، مثلما حصل ذلك مع ابن الخطيب الذي حارب موقف العلماء الاستسلامي و طالب بضرورة إيجاد العزل و عدم الاختلاط مع المرضى، انطلاقا من تجربة دقيقة، و هو ما لم يتوصّل إليه العلماء في باقي الأصقاع و البلدان. و لم يقتصر الأطبّاء الأندلسيون الثّلاثة على تكرار ما ورد في كتب حكماء الإغريق القدامى، مثلما ما هو الشأن بالنسبة إلى الأطبّاء البيزنطيّين، إنّما اعتمدوا إلى حدّ كبير على المنهج التّجريبي، ممّا أدّى إلى التوصّل إلى معطيات تفاجئنا اليوم بدقّتها العلميّة في بعض الجوانب، و إن جانبت الحقيقة أحيانا و لم تتخط حواجز المعرفة العلميّة في العصر الوسيط.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات