تتطوّر اللغة على غرار تطوّر المجتمع، وتتخلّى عمّا أصبح باليا غير مستعمل
وتثريها مقتنيات جديدة، وتكتشف العلوم الاكتشافات وتتغيّر المعلومات فتتضخّم
مادّتها. أمّا في ميدان العلوم، فليس للعالم ما للأديب من حريّة في الابتكار والتطوير،
بل العلم يقيّده والمفاهيم المضبوطة والقوانين المعيّنة تجعله يدور في «مجموعة
مغلقة ». وفي خصوص اللغة العربيّة قام الباحثون في المشرق بأعمال كثيرة مفيدة
وبذلوا جهودا ظلّت للأسف مشتّتة، خاصّة أنّ لغة الضاد ركدت زمنا طويلا وتخلّفت
عن الركب في حين تقدّمت العلوم والفنون تقدّما سريعا وغدت المصطلحات الجديدة
تولد كل يوم أو تكاد.
على هذه الخلفيّة العامّة ألّف الدكتور محمد سويسي أطروحته هذه بالفرنسية
)ثم عربّها فيما بعد( واستهلّها بلمحة تاريخيّة ضافية عن العلوم العربيّة وتطوّرها،
خاصة في حقل الرياضيّات.
واشتمل القسم الثاني منها على مادّة المعجم، واعتمد المؤلف في وضعه الاستقراء
الكامل لما استُعمل من مصطلحات في مصادره المخطوطة التي تنحدر من الفترات
الثلاث : فترة الترجمة، وفترة الانتقاء والتدقيق وفترة الخلق النشيطة. كما اعتمد
المعاجم الحديثة والمصنّفات المدرسيّة المستعملة في المشرق، وكذلك المعاجم
القديمة مثل «لسان العرب » و «مقاييس اللغة » لابن فارس وغيرهما. وقدّم شواهد
واضحة، وخصّص النصف الأيمن من الصفحة للنصّ العربي والنصف الأيسر لترجمته
الفرنسيّة والانقليزيّة. وختم الفصول بملاحظات نحويّة أو بشروح لتوضيح المفهوم
الرياضيّ أو الإشارة إلى الطريقة المستخدمة أو الآلة المستعملة.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات