اهتمّ اللغويّون العرب منذ أكثر من ثمانية قرون بمسألة الدخيل. وكان سيبويه
أطلق عليه اسم «التعريب »، وعرّفه بكونه استعمال العرب لكلمة أجنبيّة في المطلق،
أي مهما كانت صيغتها. واستعملت فيما بعد كلمة «المعرّب » و «المولّد » وحتى
«المحدث ». وكانت أولى المسائل التي بحث فيها اللغويّون القدامى هي : هل توجد
كلمات دخيلة في القرآن؟ وتباينت الإجابات حسب المواقف المحافظة )الشافعي،
الباقلاّني( أو المعتدلة )ابن عبّاس، مجاهد، عكرمة(.
أمّا الألسنيّون المعاصرون فقد اكتفوا في الغالب بعرض قوائم في الدخيل دون
أن يحلّلوه أو حتّى يبيّنوا معاييرهم في التعرّف عليه.
وحاول الأستاذ الطيّب البكوش في هذه الدراسة )المستمدّة من أطروحته( أن
يتلافى ذلك النقص على مستوى الموضوع والمنهجيّة، فاختار التركيز على اللغة
العربيّة المتداولة في تونس بمظهريها الفصيح والعاميّ. والمدوّنة التي اعتمد عليها
في هذه الدراسة تشكّلت من جرد جريدتين يوميّتين هما «العمل » و «الصباح » ومن
صحيفة أسبوعيّة هي «الرأي » )في أواخر سنة 1978 وبداية سنة 1979 (. واعتنى
المؤلّف عناية خاصّة بالإعلانات الإشهاريّة لأنّها تمثل، حسب رأيه، معينا لا ينضب من
الكلمات الدخيلة.
وبعد تكوين هذه المدوّنة، تولّى المؤلّف تصنيف الكميّة الهائلة من المادّة الألسنيّة
المجمّعة ووصفها وتحليلها على المستويات الفنولوجيّة والصرفيّة والنحويّة
والدلاليّة. كما تولّى معالجة أهمّ المشاكل المترتّبة عن استعمال الدخيل ودراسته.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات