إنّ تاريخ البلاد الموريتانيّة مازال يكتنفه الكثير من الغموض. وهو يحتاج إلى كتابة تتكامل فيها المصادر المحليّة والأجنبيّة، وكذلك المعطيات الأثريّة. وتعتبر منظومة بابكر بن حجاب في تاريخ إمارة الترارزة ) 1185 ه/ 1771 م - 1314 ه/ 1896 م( من بين النصوص التاريخيّة المحليّة المهمّة. ولقد عاصر صاحبها كلّ الأحداث التي ذكرها أو رواها له من عاصرها، وهو ما جعلها أقرب إلى الدقّة، وشجّع كلّ من كتب مؤخّرا عن منطقة الجنوب الغربي الموريتاني على اعتمادها. وضعت المحقّقة هذه المنظومة في إطارها التاريخيّ والثقافيّ وعرّفت بكاتبها وبمحيطه الاجتماعيّ، فهو مثقّف من الطبقة الأرستقراطيّة الزاوية المقرّبة من السلطة الأميريّة. وبعد تجميع المعلومات المختلفة، قامت المحقّقة بتصنيفها ورأت أنّ المنظومة تتجاوز مجرّد تسجيل المعارك الدائرة بين قبيلتي أولاد ديمان وأولاد أحمد بن دامان، وأنّها تبرز سلسلة أمراء الترارزة كاملة على مدى ما يزيد عن قرن من الحكم. كما يمكّننا النصّ من معرفة كثير من أعلام النهضة الثقافيّة، ويخبرنا أيضا عن الكوارث الطبيعيّة التي ضربت المنطقة. ولكن ينقصه جانب هامّ من تاريخ الإمارة، هو علاقاتها مع الأوروبيّين ونشاطها العسكريّ الخارجي. ولمجابهة تعقيد المنظومة ومواطن النقص فيها، استعانت المحقّقة بمراجع عربيّة وفرنسيّة وبمخطوطات وأكملت ذلك بالرواية الشفويّة، كلّما دعت الحاجة إليها.