هذا البحث العلميّ، ألّفه بالفرنسية محمّد صالح مزالي الذي تدرّج في مراتب الدولة الاستعماريّة الفرنسيّة في تونس حتى بلغ منصب الوزارة الكبرى سنة 1954 . وكانت الحركة الوطنيّة التونسيّة إذ ذاك في أوجِها والاستعمار الفرنسي في أسفل درجات هبوطه. واقترن اسم محمّد صالح مزالي بالخطّة السياسيّة المسمّاة «إصلاحات مزالي/ فوازار » التي رفضها الشعب التونسي رفضا شديدا باعتبارها خطوة إلى الوراء بالقياس إلى ما كانت له من تطلّعات سياسيّة تتمثل في الاستقلال. لكنّ محمّد صالح مزالي عرف أيضا ببعض الكتابات في العلوم الإنسانية والاجتماعية )اقتصاد، تاريخ( وبهذا البحث «تطوّر تونس الاقتصادي ». وهو من أهمّ ما كتب في هذا المجال. وتكمن أهميّته في أنّه يضم معطيات غزيرة عن بدايات رأس المال الوطني التونسي، لأنّ أدبيات عهد الاستعمار المباشر في تونس كانت تركّز على النشاط الاقتصاديّ للفرنسيّين ولا تهتمّ بالتونسيّين. ينقسم البحث إلى ثلاثة أقسام : المحيط )المحيط الطبيعي، الموارد، الحاجات( ثم العامل البشريّ )الأجناس والطبائع( ثم التنمية )الصناعات الاستخراجيّة، الصناعات التحويليّة، الإمكانيات(. وعلاوة على ما لهذا البحث من قيمة إخباريّة، فهو يوجّه الأنظار إلى أهميّة العامل الاقتصاديّ الذي يصنع الأحداث التاريخيّة، ولكنّه عامل خفيّ لا يعلن عن نفسه أمام الملإ.