یتحدّث أحمد بن صالح في هذا الكتاب عن بورقیبة كما لم یتحدّث عنه من قبل، ویدافع عن سیاسة التعاضد كما لو أنه لایزال مسؤولا، ویدین ثغرات النظام السیاسي التونسي رغم أنّه كان أحد أعمدته وبُنَاتِه منذ مطلع الاستقلال. فقد عُدَّ بن صالح الرجل الأقوى في ستّینات القرن الماضي، مثلما لم یحصل مع أي شخصیة أخرى في العهد البورقیبي من حیث النفوذ والمسؤولیات، فلم یكتفِ بدور الوزیر الذي ینفّذ سیاسة بورقیبة، بل أصبح هو محور السیاسة الرسمیّة لاعتقاده أنّه صاحب رؤیة إصلاحیّة شاملة للحزب وللاقتصاد وللمجتمع معا.
سیجد القارئ في هذا الكتاب قراءة مغایرة للسردیّة الرسمیّة لسیاسة التعاضد ولشخصیة بن صالح، من خلال منهجیّة اعتمدناها في اقتحام المناطق الملتبسة في التأریخ لتلك المرحلة.
وتكمن أهمیّة هذه القراءة في أنّها تتناول فاعلا سیاسیّا من الصفّ الأوّل من الذین أضافوا للبورقیبیة، مع فسح المجال له لیرسم ملامح سیرته وتجربته الذاتیة من خلال ما رسخ في ذاكرته، وكذلك من خلال ما واجهناه به من أسئلة. وإذا كانت قراءة بن صالح لتجربته، ستبقى قراءة ذاتیّة مهما توسّلت الموضوعیّة، فإنّها تساعدنا على فهم أعمق وقراءةٍ أشمل لتاریخنا السیاسي المعاصر. وتفیدنا بما ورد فیها من معطیات جدیدة لم یُكشَفْ عنها من قبل.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات