لم يختلف المسلمون على مر قرون قدر اختلافهم في تفسير إسلامهم. فعلى الرغم من تبني الخطاب السائد لصيغة التوحيد إلا أنهم يختلفون فيما بينهم وينقسمون مللا ونحلا ويتصارعون بل يتقاتلون بما أضعف جاههم وأذهب ريحهم وجعلهم يعيشون أزمة متواصلة في مستوى الفهم والتعايش معا.
لذلك حرصنا عبر مختلف مضامين هذا الكتاب على تفكيك مختلف عناصر تلك الأزمة عبر منهجية ناظمة تقوم على إبراز مأزق فهم الإسلام في ديار الإسلام، هذا الفهم السائد الذي يرتكز أساسا على مفهوم الفرقة الناجية التي تبذل من الجهد في تدمير غيرها أكثر مما تبذله في تعقّل الاختلافات القائمة وتنمية مجتمعها.
واقع جعل المسلم المعاصر تائها ممزقا بين روح رسالته وعمق تدينه، وبين ظواهر الحياة العصرية الجديدة، ومما زاد ذلك الواقع تعقيدا بروز تيارات تكفيرية تعتمد قراءات قاتمة للنصّ الديني عرقلت نهضة المسلمين ونموّهم كما أعاقت تطوير الفكر الإسلامي لما تشيعه من الخوف من استعمال العقل وتبني نتائج الفكر الحرّ.
ومن هنا فإنّ من أوكد الأولويات للمهتمين بالشأن الإسلامي بكل جوانبه هو إبداع افكار وتأمّلات تجذب المسلم وتفتح له آفاق جديدة لا تناقض فيها بين إسلامه وعصره. غير أن تحقيق ذلك يحتاج الى مراجعات جذرية من الجميع سلطة ومجتمعا تجعل من الإسلام عنصرا أساسيا في تنمية المجتمعات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات