یُصنَّف أحمد المستیري ضمن صفوة السیاسیین الذین عملوا مع بورقیبة. ومردّ ذلك التصنیف ھو اختیاراته السیاسیّة المبنیّة على الجرأة في المواقف، والنزاھة في التّسییر. وقد ترك المستیري بصماته الواضحة في الإضافة إلى البورقیبیة منذ المرحلة الأولى لبناء الدولة التونسیّة حین عُیّن وزیرا للعدل، فكانت له إضافته في مضامین مجلّة الأحوال الشّخصیة التي أشرف على صیاغتھا، لتتلوھا محاولاته دمقرطة البورقیبیّة من الداخل لكنّھا باءت بالفشل وأدّت إلى القطیعة بینه وبین بورقیبة جرّاء الاختلاف حول طبیعة الدولة ومؤسّساتھا الدستوریّة المنشودة.
مدار ھذا الكتاب ضمن كامل فصوله ھو المعارك الدیمقراطیّة والحقوقیّة كما عاشھا المستیري، بوصفه وزیرا سابقا وسیاسیّا من الصفّ الأوّل صنَّفناه دیمقراطیّا لأنّه استمات في الدّفاع عن المبادئ الأساسیّة للدیمقراطیة كما یمكن تجسیدھا عبر احترام الدستور والقانون، وضمان تعدّد الأحزاب وحریّة الاختلاف، وتنظیم انتخابات حرّة ونزیھة بما یؤدّي إلى التداول على السلطة، ورفض الرئاسة مدى الحیاة، والمطالبة بھیئات دستوریّة رقابیّة تضمن العدل بین مختلف القوى السیاسیّة وتسھر على احترام تطبیق القانون.
تضمّن القسم الأوّل من ھذا الكتاب رؤیة المستیري لمعاركه السیاسیّة كما وردت على لسانه عبر حوارنا معه، في حین خصّصنا القسم الثّاني منه لتوصیف دور المستیري وتحلیله من خلال آراء رفاقه السّابقین في الحزب الدستوريّ، ورفاقه اللاّحقین بحركة الدیمقراطیّین الاشتراكیّین. فضلا عن محاور تحلیلیّة أخرى رأینا أنّھا مفیدة في استكمال تجربة المستیري وفي تعدّد الزوایا للنظر إلى المعارك الدیمقراطیّة والحقوقیّة في تونس زمن البورقیبیّة.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات