في نطاق «منابر بيت الحكمة »، ألقى هذه المحاضرة الدكتور عطاء الله مهاجراني وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران. وهو ممن قدّموا خدمات جليلة للثقافة الإيرانيّة، وله كتب عديدة منها : «نقد مؤامرة الآيات الشيطانيّة » و «ملحمة الفردوسي » و «نهضة عاشوراء ...» انطلق المحاضر من أقدم العهود وأبرز أنّ بلاد فارس كانت على حظّ كبير من الحضارة والثقافة والعلم. وبدخول الإسلام، ظهرت مدارس تفسير القرآن الكريم والفقه. ولئن لم تسمح الدولة الأمويّة بظهور عناصر غير عربيّة، فقد تمكّن الفرس من التقدّم في عدّة مجالات علميّة كالطبّ والتاريخ، وانتشرت الدواوين – وهي في الأصل مؤسّسات إيرانية – مثل ديوان الرسائل، وديوان الخاتم وغيرهما. وفي العهد العبّاسي الذي كان للفرس دور هامّ في ظهوره، كان جلّ علماء النحو والكلام والمفسّرين من الإيرانيّين. وفي خلافة المنصور العباسيّ دخل النمط الطبّي لجنديسابور إلى بغداد، وازدهرت صناعة الأدوية وتقدّمت العلوم الطبيّة فيما بعد بفضل الإيرانيين أمثال يوحنّا بن ماسويه والرازي وابن سينا والجرجاني. وامتازت هذه الفترة التي توطّد فيها بناء الحضارة الإسلامية بثلاث خصوصيّات : أولاها العقلانيّة، والثّانية الاجتهاد أي إعمال الرأي في مختلف المجالات، والثالثة هي التسامح الذي تتعامل به الحكومات مع المفكّرين. ودارت إثر المحاضرة مناقشة ثريّة تركّزت بالخصوص على مختلف إسهامات الثّقافة الإيرانيّة في العصر الحاضر.