هذا نصّ محاضرة ألقاها، في نطاق «منابر بيت الحكمة »، الأستاذ لي تياينغ، نائب رئيس اللّجنة القارّة بالمجلس الشّعبي الوطني الصّيني، في نوفمبر 2003 . حلّ الأستاذ لي تياينغ بتونس بدعوة من المعهد التّونسي للدّراسات الإستراتيجيّة، بغية تمتين أواصر الصداقة بين الصّين وإفريقيا عموما، والصّين وتونس بالخصوص. ومن أهمّ الأحداث في القرن الماضي، تفتّح الصّين على العالم الخارجي وانخراطها في عمليّة إصلاح اقتصادي منذ سنة 1978 . وبدأ الإصلاح في المناطق الريفيّة، وأدّى إلى الزيادة في المنتجات الغذائيّة وإلى تدفّق الملايين من صغار الفلاّحين على المدن بحثا عن الشّغل. ثم توسّع نطاق الإصلاح ليتركّز على المدن وليزداد نصيب الاقتصاد الحرّ أكثر فأكثر. وبالتوازي امتدّ الإصلاح للقطاعات العلميّة والتكنولوجية والتربوية، ولكن أدّت الخوصصة المفرطة إلى التضخّم والفوضى، فكان لابدّ من ردّ فعل تمثّل في إرساء اقتصاد السوق الاشتراكية الذي سمح بتشجيع جميع القطاعات على النموّ بالتوازي والتزامن. أمّا المرحلة الأخيرة )ابتداء من سنة 2002 (، فقد تمثّلت في تحسين أداء الاقتصاد الاشتراكي للسّوق وملاءمته للمحيط الدولي في ظلّ العولمة وتقدّم العلوم والتكنولوجيات. ونتجت عن هذه الحركة الإصلاحيّة الميدانيّة مكاسب نظريّة ومذهبيّة حلّلها المحاضر بكلّ دقّة وأبرز أبعادها.