شارك في هذه الندوة عدد من الجامعيّين والباحثين اليابانيّين والتونسيّين. وكانت
فرصة للتساؤل : هل يمكن تصوّر هويّة إنسانيّة بلا ثقافة، وثقافة بلا تراث، وتراث بلا
تاريخ؟ وهل يمكن تصوّر ثقافة بلا حوار؟ وأجمع المشاركون على أنّ حوار الثّقافات
والحضارات بديهيّ ومنطقيّ وضروريّ، حتّى لو تخلّله اختلاف وتنافس، لأنّهما يعتبران
إضافة وإثراء للحوار ذاته.
وتعرّضت عدّة مداخلات إلى ما يفسّر التّقارب والترابط بين اليابان وتونس، فلوحظ
أنّ نهضات عديدة تزامنت خلال القرن التّاسع عشر : ففي تونس بدأت النّهضة مع
حركة الإصلاح وبرزت فيما سمّي : «عهد الأمان 1857( » ( وكرّسها دستور سنة
1861 . وكان الفكر الإصلاحيّ آنذاك قائما على ثنائيّة أساسيّة : تحديث ما هو موجود
مع الحفاظ على الأصيل من تراثنا. وفي نفس الوقت تقريبا قامت نهضة «الميجي »
التحديثيّة في اليابان على نفس الثنائيّة، فحقّقت كلّ النّجاحات، وسبق اليابان عدّة دول
وأسّس نهضته الحديثة. ولئن تعثرت تونس في نهضتها بسبب العقبة الاستعماريّة، فقد
استعادت الحركة الإصلاحيّة بعد الاستقلال حيويّتها وأنجزت الكثير.ثمّة وجه شبه آخر
بيننا وبين اليابانيّين، حيث يقول مثل شعبيّ عندهم : « إذا كنت تخطّط لسنة فازرع حبّة
واحدة، وإذا كنت تخطّط لجيل فازرع شجرة، أمّا إذا كنت تخطّط لقرن فكوّن الإنسان .»
وفعلا، راهنت كلّ من تونس واليابان على الإنسان : فكلاهما لا يملك موادّ أولية كبرى
وإنّما له كفاءات. واستطاع اليابان أن يتعامل بنجاح مع أحدث التكنولوجيّات وغزت سلعه
أسواق العالم، وهو نجاح تطمح إليه تونس ويفسّر إعجابها بهذا البلد. وتمنّى الحاضرون
أن يزداد الحوار البنّاء رسوخا، وبالخصوص الحوار الثقافي.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات