هذا نصّ محاضرة ألقاها سفير اليابان بتونس، في نطاق «منابر بيت الحكمة ،»
بصفته باحثا مختصّا في المسائل الآسيويّة، فقدّم في البداية بسطة عن تاريخ العلاقات
بين بلاده والصّين، وذكّر بعراقة الأواصر التي ربطت بينهما منذ أقدم العصور، يوم
كانت الصّين سيّدة اليابان. ولقد تكيّفت الثقافة اليابانيّة بفضل هذا التبادل الحضاريّ
وبالخصوص عندما تبنّى اليابان الكتابة الصّينيّة والديانة البوذيّة.
وفي القرن التاسع عشر، خرج اليابان من عزلته التي دامت قرابة ثلاثمائة سنة والتي
حمته من غزو أوروبا والولايات المتحدة، لكنّه سرعان ما استوعب الحضارة الغربيّة
حتّى أصبح قدوة للصّين التي اضطرت إلى السير على منواله في درب الحداثة. وإلى
اليوم، مازال آلاف الصينيّين من التقانيّين والطلاّب يقصدون اليابان سنويّا للتدرّب أو
للتعلّم. ولئن اختلفت الظروف الطبيعيّة والمساحات بين البلدين)فاليابان مجموعة
من الجزر الصغيرة نسبيّا في حين أنّ الصين تكاد تكوّن قارّة برمّتها(، ولئن كانت
الصين تحوي قرابة الخمسين جنسا في حين أنّ اليابان ظلّ لمدّة طويلة سليل جنس
واحد محافظ على صفائه العرقي، ولئن اشتهر التجّار الصّينيّون بمهاراتهم وانتشروا
في جلّ أقطار العالم، كما أنّ فنون الطبخ الصينيّة أصبحت معروفة أكثر من الفنون
اليابانية في هذا المجال، ورغم كلّ هذه الفوارق فإنّ ما يوحّد البلدين يحتّم تدعيم
وتعميق علاقات الصّداقة العريقة بينهما والتي يفرضها عليهما حسن الجوار.
وختم المحاضر بقولة شهيرة تؤكّد أنّ السّلم لن تستتبّ في آسيا إلاّ إذا استتبّت
بين الصّين واليابان.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات