ساهمت منظمة اليونسكو في التفكير الاستشرافي للإجابة عن السؤال : القيم إلى أين؟ سعيا إلى بناء عالم أكثر عدلا وأكثر تضامنا، عالم يحتضن الجميع وتسوده الحريّة والمساواة والسلام وعدم التمييز واحترام التنوّع الخلاّق والاعتراف بثراء كل الحضارات. ولهذا الغرض دعت تلك المنظّمة الأممية عددا من العلماء والمثقفين والمبدعين وصُنّاع القرار ذوي الشهرة العالمية. وقد أتوا من آفاق عديدة واتجاهات مختلفة يحدوهم فكر استشرافي متداخل الاختصاصات. ولقد طُرِحت في هذه المداولات عدّة تساؤلات : هل ستشهد البشريّة أفول القيم أم تصادمها أم تهجينها؟ ما هي القيم التي ستعتمدها مجتمعات القرن الحادي والعشرين؟ هل ستكون قيما جدّية أم عابثة؟ هل سيضفى عليها طابع جمالي؟ هل نتّجه نحو تأنيث القيم؟ ومن جهة أخرى، وفي خصوص تطوّر العلوم وتكنولوجيات الهندسة الوراثية، ما هي القيم التي يتوقّع أن تسود في مجالات الطبّ الجيني وتحسين النسل؟ وما هي الضوابط التي يرجّح اعتمادها في مواجهة أصحاب المصالح الاقتصادية؟ كلّ هذه التساؤلات وغيرها طرحها وأجاب عنها علماء ومفكّرون من جميع بلدان العالم ومن العالم العربي الإسلامي بالخصوص، وأشرف الأستاذ «جيروم بيندي » مدير قسم الاستشراف باليونسكو على جمع مادة هذا الكتاب وإصداره بالفرنسية سنة 2004 امتدادا واستكمالا لكتاب «مفاتيح القرن الحادي والعشرين » الذي ترجمه بيت الحكمة وأصدره سنة 2003 .