لقد جاء تطوّر علم المصطلح، كعلم مستقلّ نسبيّا عن علم الدلالة وعلم المعجميّة،
نتيجة أولى للتطوّر السّريع لأنظمة المصطلحات العلميّة والتقنيّة من ناحية،
وللتّداخل الحتميّ للأنظمة المصطلحيّة المختلفة، بتعدّد اللغات واختلاف الميادين
العلميّة، من ناحية أخرى. إنّ الحاجة الملحّة للشعوب للتخاطب بينها من خلال أنظمة
المصطلحات واقع فرضته العوامل الاقتصاديّة وقضايا نقل التكنولوجيا وعدم اعتراف
العلوم والتقنيّات بالحدود السياسيّة واللغويّة.
من هنا نشأت قضيّة احتكاك اللغات المتعلّقة بنقل المصطلحات. إنّ هذه الوضعيّة
تفرض على كل علم من العلوم وضع المصطلح المقابل في اللغات الأخرى، التي لم
يشهد متكلّموها نشأة الواقع الذي يترجم عنه ذلك المصطلح. فنشأت من هنا صعوبة
«النقل »، لأن لكل لغة بنيتَها الخاصّة وقوانينها الداخلية إذ تعبّر عن نظرة متكلّميها
وتصوّراتهم لواقعهم الخاصّ.
وعلى هذا الأساس، أوكلت لعلم المصطلح المهمّة الأولى في تقنين الاستعمال
الاصطلاحي، حسب الميادين والاختصاصات، بتحديد القوالب والأشكال والقواعد التي
تسهّل عمليّة تعميم المصطلح وفرضه )وهو ما يسمّى بالتقييس(.
ولقد قدّم الأساتذة عبد السلام المسدّي وفتحي التريكي وعثمان بن طالب وعمّار بن
يوسف وجهات نظرهم في هذه القضيّة المهمّة.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات