من العلوم الأساسيّة التي ساهمت في تطوّر الطبّ عند العرب والمسلمين علم التشريح
الذي ظلّ موضع تشكيك من جرّاء عدّة عوامل منها تبعثر الكتب والموسوعات الطبيّة
العربيّة في مكتبات العالم وفقدانها غالبا، ومنها عدم قيام الأطبّاء المختصّين بمهمّة
التنقيب، في المخطوطات والمصادر الطبيّة، عن مسألة التشريح.
والقصد الأساسي من هذا العمل إثارة اهتمام الدارسين وحثهم على الاطلاع
والاستقصاء وليس عرضا لأمجاد الأجداد والتباكي على الماضي البعيد، وإنّما هو
بحث في مسألة تشريح الدماغ عند ابن سينا، قبله وبعده، أي عند جالينوس والرازي
والمجوسي من جهة، وعند ابن النفيس وابن القفّ من جهة أخرى.
واستخدم المؤلفان لغة تتماشى مع لغة الطبّ الحديث لإبراز هذه المسألة بما
فيها من حقائق علميّة ومشاهدات واختلاف مصطلحات وتصوّرات، وبما فيها من
صواب وخطأ. وكان منطلقهما دراسة تاريخيّة مختصرة عامّة وخاصّة ثم انتهيا
إلى عرض بعض أمراض الدماغ كنتيجة حتميّة لمعرفة الأطباء العرب والمسلمين
الجيّدة بالتشريح الوصفي والوظيفي للجهاز العصبي.
وفي هذا البحث أيضا دراسات تتناول لأوّل مرّة بهذا الشكل المعمّق المادّة التشريحيّة
في كتاب «القانون في الطبّ » لابن سينا، ومسألة التخدير والإنعاش عند الأطباء
العرب بين الشكّ واليقين، وما لهذا الاختصاص من علاقة وثيقة بالجهاز العصبي
وخصائصه الوظائفية. وينتهي الكتاب بخلاصة تاليفيّة زاخرة بالمعلومات المفيدة.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات