قامت شهرة ابن البيطار في عصرنا الحاضر أساسا على الترجمة الفرنسية لكتابه
«الجامع لمفردات الأدوية والأغذية » التي أنجزها المستشرق «لوسيان لوكلار »
والتي أصدرها في باريس في ثلاثة أجزاء. أمّا باللغة العربية، فلم ينشر من كتبه إلى
حدّ الآن إلاّ كتاب «الجامع » هذا في بولاق بمصر سنة 1874 في طبعة رديئة مليئة
بالتصحيف والتحريف. وللأسف، لا توجد في المكتبات العربيّة مؤلّفات محقّقة تحقيقا
علميا لابن البيطار، ويعود ذلك إلى قصور الباحثين عموما عن فهم نصوصه بسبب
كثرة الدخيل فيها والمولّد من اللغة اليونانيّة، من جهة، وبسبب عسر المصطلحات
التي تتعلّق كلّها بالصيدلة الطبيّة عموما وبالأدوية المفردة خصوصا، من جهة
أخرى.
أمّا هذا الكتاب الذي أصدره «بيت الحكمة »، بفضل جهود الأستاذ إبراهيم بن مراد،
فهو كتاب جليل الفائدة، عظيم النفع للباحث المختصّ وللّغوي على حدّ السواء، لأنّه
معجم يوناني عربيّ في مصطلحات «مقالات » ديوسقريدس، أي في الأدوية المفردة،
وهذا الباب من العلم قد برع فيه ابن البيطار وفضل غيره. إلاّ أنّ هذا الكتاب ينتمي
إلى صنف خاصّ من المؤلفات نادر الوجود في العربية، هو المعاجم الثنائية اللغة،
وقد استعان فيه المؤلف لنقل المصطلحات اليونانية باللغتين اللاتينيّة والبربريّة
أيضا. ألّف ابن البيطار هذا الكتاب حوالي سنة 623 ه/ 1226 م، في مصر، بعد عودته
من رحلة استكشافيّة قادته من الأندلس، موطنه الأصلي، إلى بلاد فارس، ومكّنته من
التعرّف على الأعشاب في مختلف المناطق التي زارها، وقد ذكر منها خاصّة بلدان
المغرب ومصر والشام والعراق.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات