كتبت هذه «المقالة في الماليخوليا » بالقيروان في أواخر القرن التاسع، وهي أقدم
كتاب وصلنا مخصّص بأكمله لهذا الموضوع. وقد ترجمه إلى اللاّتينيّة قسطنطين
الأفريقي، فظّل في الغرب، وعلى مدى قرون، مرجعا من المراجع الأساسية لعلاج
الخلل الذي يعتري السوداء.
لهذا الكتاب قيمة تاريخيّة إذ يعطينا فكرة عمّا توصّل إليه الطبّ حينذاك من
معلومات حول ذلك الخلل، ويوضّح لنا استمراريّة الطب العربيّ بالنسبة إلى الطبّ
اليونانيّ والرومانيّ. وتبرز قيمة الكتاب أيضا في وصف دقيق للمليخوليا يبدو وفيّا
لنظرية «جالينوس »، لكن ابن عمران يؤكد أن أعراض هذا المرض كثيرة، ويذكر
منها الاكتئاب والهلوسة والهذيان والهلع. أمّا أسبابه فهي في رأيه مرتبطة بما
يصيب الجنين في الرحم قبل الولادة، كما تتمثل في أسباب جسديّة أو نفسيّة مثل
اختلال التوازن الصحّي أو فقدان المحبوب... ولا يقيم المؤلف وزنا لأيّ تأثير خارق
لقوانين الطبيعة، فلا ينسب المليخوليا للجنّ والشياطين أو للسحرة والمشعوذين.
وظلّ موفقه في هذا الصّدد مخالفا لموقف أغلب الدارسين الذين تلوه.
أمّا العلاج، فقد خصّص له ابن عمران القسم الثاني من مقالته، وأشار إلى أهميّة
السند النفساني والمداواة الطبيعيّة والحِمْيَة الغذائية واستعمال بعض النباتات الطبيّة.
والملاحظ أنّ كلّ هذه القواعد الصحيّة مازالت صالحة إلى يومنا هذا.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات