اغتنم المجمع التونسي «بيت الحكمة » فرصة الاحتفاء سنة 2009 بالقيروان
عاصمة للثقافة الإسلاميّة لإصدار عناوين جديدة من موسوعة ابن الجزّار الطبيّة.
يقول المؤلف في مقدمة هذا الكتاب : «لمّا رأيت كثيرا من الفقراء وأهل المسكنة
عجزوا » عن علاج أمراضهم «لقلّة طاقتهم عن وجود الأشياء التي هي موادّ العلاج ...
رأيت عند ذلك أن أجمع في هذا الكتاب ... العلل وأسبابها ودلائلها وطرق مداواتها
بالأدوية التي يسهل وجودها بأخفّ مؤونة وأيسر كلفة، فيسهل عند ذلك علاج
العَوَام على الأطباء، من أهل الفقر والمسكنة منهم بهذه الأدوية التي جمعتها .»
ولم يكتف ابن الجزّار بوصف هذه الأدوية وترتيبها على ثمانين بابًا، كما قال، بل
أضاف : أنّه جرّبها بنفسه فحمدها، وأنّه لم يعتمد على مجرّد «المشاهدة والنظر ،»
بل على أقوال الأطباء القدامى أمثال جالينوس وديسقوريدوس وغيرهما من أفاضل
الأطباء.
ويبدو أنّ ابن الجزّار كان سبّاقا في مجال ما يُسَمّى اليوم : الاقتصاد الصحّي،
حريصا على التسهيل والتيسير قبل كل شيء. وقد أثبت الطبّ الحديث نجاعة الأدوية
التي وصفت في «كتاب طبّ الفقراء والمساكين »، سواء كانت نباتية أو حيوانية
أو عقاقير معدنية مفردة أو مركّبة حسب نسب وموازين مخصوصة، كما أثبت
ملاءمتها للمرضى طبقا لطبيعتهم وقوّتهم وسنّهم. والملاحظ أن العديد من المفردات
المدرجة في هذا الكتاب مازالت معتمدة في دساتير الأدوية العصرية.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات