لم تسبق الثورة التونسية نهضة فكريّة علميّة تمهّد لإحداث قطيعة ابستيمولوجيّة مع الموروث الثقافي المعرفي الماضوي. لم يسبقها صراع فلسفي و فكري عام، لا على المستوى المحلّي و لا العربي، إلّا بدرجة محدودة جدّا خلال الفترة الاستعمارية، و ما تميّزت به فترة نهاية السبعينات و عشريّة الثمانينات من القرن الماضي، سرعان ما تمّ طمسه بسبب التناحرات المميتة بين الأنظمة العربية و حروب الخليج و اصطفاف طوابير النخب و المفكّرين وراء هذا الشقّ من الأنظمة أو ذاك، ليعيدوا إنتاج السائد و يصيغوا مشاريع أفكار عدميّة مشوّهة. بالإضافة إلى استغراق هذه النخب في الجدل حول قضايا الصراع الوطني و القومي الذي فرضه الاستعمار على المنطقة العربية، من دون مرتكزات عقليّة و سياسيّة متماسكة و معمّقة.. أما في تونس، فإنّ الصراع السياسي و الإيديولوجي، خاصة بين اليسار و الإسلاميين الذي بدأ تشكّله خلال عشريّة الثمانينات من القرن الماضي، وقع حجبه سريعا بفعل القمع السياسي و الفكري.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات