كثيرا ما عانيتُ من الشّعور بالقلق، عند تقاطع الطّرقات. و يتهيّأ لي في تلك اللّحظات أنّ في ذلك المكان أو ما يبدو أنّه كذلك: أنّ هناك، على مسافة جدّ قريبة، هناك، على الطّريق التي ما جُبتها و التي أنا الآن عنها أبتعدُ، نعم، هناك، بلد من جوهر أسمى كان ينبلج، حيث كان بإمكاني الذّهاب للعيش فيه، و الذي مذّاك أضعته. و مع ذلك، فلا شيء كان يشير و لا حتّى يوحي، لحظة الاختيار، أنّه كان عليّ اتّخاذ تلك الطّريق الأخرى. لقد أمكنني، أغلب الأحيان، أن أتابعها بالنّظر، و أن أتحقّق ممن أنّها ما كانت تمضي إلى أرض جديدة. لكنّ ذلك لا يهدّئ من روعي، ذ أنّني أعلم أيضا أنّ البلد الآخر قد لا يكون متميّزا بمظاهر للآثار أو للأرض عجيبة. لا ميل عندي إلى الحلم بألوان أو بأشكال مجهولة، و لا بتجاوز لجمال هذا العالم. أحبّ الأرض، و ما أراه يغمرني، و حتّى أنّه يحدث لي أن أصدّق أنّ خطّ القمم البيّن، و روعة الأشجار، و حيويّة حركة الماء في قاع وادٍ، و أناقة واجهة كنيسة، بما أنّها، كلّها، كثيفة جدّا، في بعض المناطق، و في ساعات معيّنة، يحدث أن أعتقد أنّها ما كانت كذلك إلّا عن إرادة، و أنّها كانت لصالحنا. إنّ لهذا التّناسق دلالة، و إنّ هذه المناظر الطّبيعيّة و هذه الأنواع، و التي هي بعدُ مجمّدة، و لعلّها مغتبطة، إنّها لغة، و إنّه ليكفي النّظر و الإصغاء بعمق حتّى يظهر المُطلق، في نهاية تيهنا. و إذن هنا، في هذا البشير، يكون المقام.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات