تطوّر المجتمع التّونسي في عدّة مجالات )ارتفاع عدد السكّان، توفر الأنشطة
الاقتصاديّة وتنوّعها، تواصل مجهود التصنيع، النموّ الهامّ في الخدمات...(، فكان قانون
الشغل صدى لهذا التطوّر، وبعث بالأخصّ في مجال العلاقات المهنيّة إصلاحات جوهريّة
تمثلت في العودة إلى مناقشة الأجور مناقشة حرّة، وتمّ إحياء العقود الجماعيّة
وتدعيمها. أمّا ظروف الشّغل والامتيازات المعترف بها للأجراء، فقد سجّلت تقدّما
محسوسا، كما تطوّرت هياكل التشاور وتحسّنت الإجراءات الكفيلة بإيجاد الحلول
للنزاعات الجماعيّة.
وفي نفس الوقت، تطوّرت تغطية المخاطر الاجتماعيّة بصفة ملحوظة، فتجاوزت
إطار الأجراء لتشمل العاملين المستقلّين. فالضّمان الاجتماعيّ لم يعد في تونس، وفي
غيرها من البلدان، من توابع قانون الشّغل بل بلغ درجة من النّضج جعلته مستقلاّ
عنه.
ولقد سعى مؤلّف هذا الكتاب إلى وضع القواعد الخاصّة بالشغّالين الأجراء في
إطارها المذهبي لتيسير فهم أحكامها وتفسير تكوّنها وتطوّرها في النطاق الاقتصاديّ
والاجتماعيّ والسياسيّ للمجتمع التّونسي. وفي نفس الوقت، وفّر من التفاصيل
الترتيبيّة ما يلبّي حاجات رجال القانون والمشغّلين والنقابيّين والإداريّين والحقوقييّن
الذين يهتمّون بالتشريع المهنيّ ويبحثون عن حلّ لمشكلة معيّنة من المشاكل التي
تعترضهم.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات