يعتبر الكاتب الفرنسيّ الكبير «إيف بونفوا » أن النصوص التي تؤلّف كتابه هذا، «مسرح الأطفال »، ليست في الواقع حكايات كما قد يعتقد، أي استحضار أحداث قد تكون وقعت في حياة شخص يفترض أنّه واقعي ومتخيّل، لذلك، في عالمنا المألوف. فالأشخاص الذين يستحضرهم هم بالأحرى تجليّاته، تجليّات الطفل الذي اختفى تحت الطبقات المتراكمة لحياته الراشدة. من هو هذا الطفل؟ إنّه يلاحق إجمالا كلّ المهتمّين بالشعر، لأنّنا في سنّه، في بدء المراهقة، نكون أكثر عفويّة وأكثر تأثّرا بالحضور الكثيف للكائنات والأشياء. وفي مشهد بعنوان «أمريكا » يقول «إيف بونفوا : » «لن أنساك أبدا أيها الصبيّ الذي يرغب في العودة إلى حيث لا يعلم. إنّني أَلْمَحُكَ عبر أبسط الكلمات التي أكتبها، حتى عندما تمسك جملي الحالمة عند أطراف خيوطها المشدودة بريح خفيفة، بكرات لمّاعة، إن لم تكن نيّرة جدّا، والتي أستطيع أن أتخيّلها لمّاعة من الطلّ، كما لو أن النهار طلع على الأرض ثانية. أعرفك في خفايا كل الرسوم التي أحبّها. أسمعك تتعثر في العمق الحجري للكتب القليلة التي أقرأها والتي يجب عليّ إتقان قراءتها، أيها الوجه المحموم الذي كنت أرغب أن أمسك به بين يديّ. وأكاد ألمس جبينك أحيانا ونظرتك التي تسأل، وعندئذ تتبدّد كلّ هذه العلامات. ومعها يتبدّد الليل والنهار، وحتّى الريح .»