إنّ الأزمة العميقة التي عاشها المجتمع اللّيبي، بكل جوارحه، في الفترة الفاصلة بين فيفري وأكتوبر 2011 أفضت، عمليا، على الرّغم من تباين القراءات، إلى تفكيك توازن المجتمع وإلى تدمير البنيات الاجتماعية والقبلية وخاصّة إلى استحضار تاريخ مسكون بالتوتّرات والخلافات القبلية والجهويّة وإلى إعادة إحياء جغرافيا الأحقاد والصّراعات بين الفئات والجهات. فالمفارقة الأنثروبولوجية هي أنّ هذه الأزمة أعادت إنتاج ذاكرة دامية وتاريخ مأزوم وتوظيفهما في إدارة الصّراع، في حين أنّنا اعتقدنا، لعقود خلت، أنّ هذا التاريخ المتوتّر انصهر تماما في النّسيج الذّهني والثقافي والاجتماعي والقبلي للمجتمع اللّيبي الأمر الذي يفسّر مستويات العنف السائدة حاليّا. فالذّاكرة الدامية أعاقت إلى حدّ كبير التحوّل السياسي والديمقراطي.
ولذلك لا يكاد يختلف اثنان في أنّ مبحث الشخصيّة القاعديّة يحتاج مخابر بحث بحالها. ولكن على الرّغم من ذلك، قمنا بهذه التّجربة حتّى نستحثّ الهمم ونحرّك السواكن ونرمي أفكارا في هذه البركة العربيّة الرّاكدة ونخلق بيئة للحوار.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات