إنّ العنف يقذف بنا في صميم اللاّمعقول لاعتبارين اثنين : أوّلا لأنّه يثير الأهواء
ويهيّجّها، وثانيا لأنه نتاج الإنسان، ذلك الكائن العاقل بالدّرجة الأولى. وسعيا إلى
فهم العنف وتحليله، حاول المشاركون في ملتقى «بيت الحكمة » الإجابة على عدد
من التساؤلات : هل العنف محرّك التاريخ ؟ وهل كان يمكن للشّعوب أن تبرز وتسمع
صوتها لولا العنف ؟ وهل كان يمكن أن يتجلّى انتصار العدل والحريّة والكرامة في
هذه الدنيا لولا بلوغ العنف أقصى ذروته ؟ أليس الحافز على التقدم هو العنف ذاته؟
ومن جهة أخرى : هل يمكن إضفاء طابع اجتماعي على العنف ؟ لكن العنف المتفاقم
اليوم في الأسرة وفي المدرسة، ألا يكرّس فشل تربيتنا وضعف طابعها الاجتماعي ؟
ألم يعط المثل من بعيد، من أبعد من ذلك وأعمق ؟ أمّا مجتمعاتنا المنسوبة إلى ما
بعد الحداثة، فهل كان بإمكانها أن تنتج غير العنف على أوسع نطاق، والتفنّن فيه
وتسويقه وتصنيعه ؟ فالتّعذيب الذّي غدا اليوم، في العديد من البلدان، أداة من أدوات
الحكم، أليس تكشيرا شيطانيا لتواطئنا مع العنف ؟ ألا يقال لنا إنّ الّذين يصدّقون
النوايا الطيّبة مغرورون، إن كانوا يثقون بالتبادل والحوار، ويظنّون أنّهما وحدهما
قادران على تغيير العالم وإرساء قواعد دائمة لحضارة خالية من العنف ؟ ولكن هل
يمنعنا ذلك من السعي إلى التأثير في الأحداث، لا سلاح لنا إلاّ يقظتنا ؟
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات