لا يزال السّاسة العرب يحكمون بفكر أنثروبولوجي، مستمد من ثقافة أبوية تقليدية، ليمارسوا صلاحياتهم المطلقة بمنطق أولياء الأمور العائلين، الكافلين، الرّعاة، الأوصياء، الوكلاء على شؤون رعاياهم... أدّت الوكالة السّياسية والدّينية، والأبوية المستحدثة، والوصاية المجحفة في العالم العربي إلى مآسي تاريخية، تمخضّ عنها مجتمعة صراع وجود بين قوى تسعى لانتزاع وكالة شعوب، انتفضت وثارت لاستعادة مقوّمات إنسانيتها منذ سنة (2011م)، مطالبة باسترداد حريّتها كاملة، لبناء إنسان كريم في وطنه، وإقامة مجتمعات مدنية حقيقية، وأنظمة ديمقراطية، يكون الفرد فيها راشدا، وفاعلا، ومسؤولا في إطار قوانين دستورية، تضمن الحريّات العامة والخاصة... غير أنّ غياب اللاّوعي الثّوري لدى هذه الشّعوب قلب الحريّة إلى فوضى تبادل فيها الخصوم التّقليديين تهم التّخوين والتّكفير في غياب شبه تام للدّولة... لقد تحوّلت البسيكودراما العربية الحديثة إلى دراما حقيقية، لمّا وأدت الشّعوب الثّائرة قبل الدّول ديمقراطية وليدة، فانتعش إرهاب تربّى بين أحضانها، وتعلّم في مدارسها وعلى مناضد جامعات أمّة استعصيت على الموت، ولم تقدر على مسايرة الحياة الحديثة، تشّدها إلى الخلف ترويكا الأبوية والوكالة والوصاية.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات