على مدى ستّة عقود، تابع الأستاذ عبد الوهّاب بوحديبة تطوّر علم التّوجّه والتّوجيه
الذي أصبح ركنا من أركان الحياة العصريّة، بل أداة لا محيد عنها لفهم الحضارة
الحديثة، فلاحظ أنّ العولمة لم تعولم العالم بل أبقته عرضة لتصدّعات لعلّها من
أخطر ما عاناه على مدى تاريخه الطّويل. أمّا التّقنيات الإعلاميّة والتّواصليّة الجديدة،
فقد «وحدّته » هي الأخرى، ولكن على طريقتها الخاصّة، وذلك بمضاعفة التّباين
والتّفاوت وتفاقم ما كان منهما موجودا من قبل. ولكن أليس «المهمّ هو ما يصنع
النّاس بالوسائط، لا ما تصنع الوسائط بالنّاس ؟»
على هذا الأساس، يرى المؤلّف ضرورة تربية الشّباب على التّفاعل والتّواصل،
ولكن بروح نقديّة عالية. ولو انعدم النّقد، لغدت شبكة الإنترنات متاهة كبرى،
ولانساق شباب العالم بأسره إلى الضّياع فيها. ولو ترك الأمر لسادة الإتّصال يصولون
ويجولون بكامل الحريّة لأصبحوا سادة الخداع والتّضليل. فالآن، وبعد أن قطعنا
مرحلة التدرّب على التّقنيات الإعلاميّة والتواصليّة، يتحتّم علينا الانتقال إلى مرحلة
أسمى وهي مرحلة التّربية على هذه التّقنيات.
في هذه الدّراسة، يحدّد الأستاذ بوحديبة موقفه بكلّ شجاعة ووضوح، ويساهم في
الحوار الأساسيّ الذي سيظلّ دوما مفتوحا والذي سيترتّب عليه، فيما يخصّنا، مصير
عالمنا العربيّ عموما ومستقبل بلادنا بالتّحديد.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات