احتفل المجمع التونسي «بيت الحكمة » بذكرى المرحوم محمّد سويسي، أستاذ
الأجيال الذي واكب الحياة الثقافيّة باستمرار وتفان في تونس وخارجها. وقد أشاد
أقرباؤه وأصدقاؤه وتلاميذه وتلاميذ تلاميذه بخصاله النادرة : فهو العالم الفذّ الذي
جمع بين العلم والأدب والتاريخ، وهو خاتم أجيال من أبناء الصادقية أمثال محمود
المسعدي وأحمد عبد السّلام وغيرهما، وهو الذي اعترفت الدولة بفضله فتوجّت
أعماله بمنحه جائزة 7 نوفمبر للإبداع التي سلّمها له سيادة رئيس الجمهورية بنفسه
سنة 1997 . وهو الزوج الوفيّ والأب الحنون، وهو الباحث الذي وفّق إلى مصالحة
منهجيّة بين مطالب العلم ومطالب الأدب ومطالب الإيمان ومطالب الإنسان، وهو الملمّ
بثقافة العصر إلماما عميقا، إلماما لم يجرفه عن أصالته مسلما عربيّا متسامحا مع
ثقافات الآخرين، سمح المعاملات، ابنا للكبير وأخا للندّ وأبا للصغير، قؤولا لما قال
الكرام، فعولا، وهو في الجامعة التونسيّة فكر هادئ، ومزاج صارم، وسلوك شخصيّ
متميّز نادر، شغوف بالعربيّة لغة وطنه وقومه وثقافته، متواضع تواضع العلماء
الاصيلين والمربّين الناجعين الناحجين، وهو رائد في مجال التعريب وباحث في
مجال تاريخ العلوم، ناهيك أنّه استنبط نحو ثمانية آلاف مصطلح فنّي علميّ في
ميدان المواصلات، وله أيضا أكثر من ألفي مصطلح في الرياضيّات والفيزياء. ولئن
احتفل بيت الحكمة بذكرى محمّد سويسي، فإنّه لم يحتفل لتوديعه بل ليغرس من
جديد روح العلم والأصالة في هذه الربوع.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات