يعتبر القرن الثّامن عشر الأوروبّي قرن الأنوار، إذ تبلورت فيه قيم خالدة غلّبت
العقل على الأهواء ودافعت عن الحرّية ورفضت التّعصّب الدّيني والاستبداد السّياسي
واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، واعتبرت الإنسان محور الحركة الحضاريّة منه
تنطلق وإليه تعود.
هذه القيم لها أيضا جذورها الضّاربة في تاريخ الفكر العربي الإسلامي، إذ قامت
الرّسالة المحمّديّة على إخراج النّاس من الظلمات إلى النّور ودعوتهم إلى نبذ مظاهر
التّقليد والإكراه والجبروت. وفي أيّامه الزّاهرة، كان الفكر الإسلامي منفتحا على
الثّقافات الأخرى لا يدّعي امتلاك الحقائق النهائيّة. ولقد تعلّم المسلمون من الأمم
الأخرى وعلّموها وتواصلوا معها على أساس التكافؤ، لا على التّمايز، وعلى قاعدة
الأخذ والعطاء، لا على خلفيّة الاستعلاء.
تركّزت أعمال هذه النّدوة الدّوليّة على المسائل التّالية : أيّ تجديد يُرجى
من التّحوّلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسة في العصر الحديث )ولا سيّما في
القرن الثّامن عشر؟( أيّ تأثير لقيم التّحرّر والتّسامح التي ينطوي عليها الفكر
العربي الإسلامي؟ ما هي الآلات المعرفيّة والمنهجيّة التي يمكن استعمالها لتمكينه
من الانخراط القويم في معترك العصر؟ كيف يتسنّى إرساء ثقافة التقدّم في العالم
العربي؟
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات