خطر عادل بذاكرتها الحيّة مرة أخرى، كانت رأت صدفة منذ أيام بالتلفزيون حفلا في بلاد أوروبية لا تعرفها، لم تفهم منه شيئا كثيرا فسألت عنه وحيدة كالعادة، فأخبرتها أنه حفل تسليم جائزة نوبل للفيزياء للأمريكي شلدن قلاشو لعام 1979، وفسّرت لها معناها... مرّ بذاكرتها ذلك الحفل وتقاطع مع صورة عادل لأنها في تلك اللحظة وقف على رأسها أحد النازلين من القطار يحمل حقيبة مدرسية بُنِّية تشبه حقيبة عادل عام البكالوريا، هو شابّ في سنّه تقريبا، يسرّح شعره نفس تسريحة عادل، وضع لها عشرين فرنكا في يدها، وابتسم لها ابتسامة حنونا تشبه ابتسامة عادل، وردّت عليه بابتسامة علت شفتيها المتشقّقتين فاترة بيضاء. لمست أصابعُه الرقيقة كفَّها فشمّت بعضا من رائحته الشبابية، ملمسه يشبه أيضا ملمس أصابع عادل، ورائحته تشبه رائحته، تمنت لو لم يعطها العشرين فرنكا، ولو صافحها بدلا عن ذلك فحظيت بلمس يده كاملة لدقيقة أو أكثر، خاصة أنها لم تتمتع بلمسة أصابعه وقد داهمها السعال فارتعشت يدها وأفسدها عليها. تذكرت عادل وتذكرت الحفل فراحت تتخيّله محرزا على تلك الجائزة، جائزة نوبل: لمَ لا؟
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات