ولمّا كان مبحث النظر هو المبحث الذي يؤسس عليه المتكلم كما الفيلسوف مجمـل نسقـه، فـإن سعـد الديـن التفتازانـي وإن خـصّ النظـر بمقصــد كامــل في «شرح المقاصد» مسايرا بذلك سنّة درج عليها تأليف كتب الكلام، فإن قوله في النظر يكاد لا يغيب عن مجمل آرائه الكلامية، لذلك فإن قوله في النظر هـو قول في المعرفة إمكانا وأدواتا ومنهاجا.
تمكّن سعد الدين التفتازاني من استعادة القول في الألوهية على أساس من المنهج التوليفي بين عديد المعارف، وأهمها المنطق الأرسطي في استثمار لمناخ القبول والرضى لهذه الآلة في البيئة الثقافية الإسلامية، وذلك منذ أن فرّق الإمام الغزالي بين شرور الفلسفة ومحاسن المنطق، باعتباره فنّا يميز ويفرز به القول الصحيح من القول الفاسد، الأمر الذي يكشف أنه لم يعد محمولا على المثقف العربي المسلم مجرد الاشتغال على المقولات النظرية لمفهوم ومدلولات العقل، بل إن الرّاهن بما في ثناياه من تخلف متعدد الأبعاد يلّح بشدة ويدعو إلى وجوب العمل والسّعي إلى ما به تتحقق الذات العربية المسلمة على أساس من الخصوصية تحقيقا للهوية، ولن يتأتى لها ذلك ما لم تقدر على امتلاك شروط إمكان الإسهام الحضاري.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات