لماذا الاعتماد على تحقيق هرمن بونيتس؟
ما كنت لاختار تحقيق هرمن بونيتس وترجمته لميتافيزيقا أرسطو منطلقا لنقلها إلى العربية لو كان لها أصل يوناني ذا صياغة نهائية موثوقة تكون بحق مرجعية كافية قديما أو حديثا لحسم إشكالية وحدتها وتناسقها بسد ثغراته.
ادعاء الترجمة من أصل بهذه الصفات من دون تعديلات المحققين يكذبه تاريخ تلقياته ومحاولات ترقيع مقالاته وسد ثغراته. فكل محاولة لفهمها تقتضي تحقيقا يتحول في غالب الأحيان إلى صوغ مختلف يبين أن الأصل أو ما بقي منه لم يتجاوز مرحلة المسودة.
وهو ما يلجئ محققيه إلى الاعتماد على أعماله الأخرى أولا وعلى تاريخ تحقيقاتها وتلقياتها المتوالية ثانيا منذ أن صارت شبه كتاب مقدس في الفكر الفلسفي خلال أكثر من عشرين قرنا ونيف.
غاية هذه المحاولة هي درس مدرسة النقد الفلسفي الإسلامي التي انطلقت من هذا التلقي المختلف عما كان يعد أصلا وفهم تناظره العكسي مع ثمرة التلقي في مدرسة النقد الفلسفي الغربي الحديث. وهو ما اقتضى اختيار أبرز ممثل لتحقيقها الحديث.
فأفضل تحقيق عالج هذه الثغرات بالمقارنة مع كل سابقيه لحظة الشروع في نشر أعمال أرسطو الكاملة وإحياء الدراسات الأرسطية خلال أزمة المثالية الألمانية وإعادة احياء الدراسات الأرسطية.
والمعلوم أن منزلة الميتافيزيقا في فكرنا الفلسفي مناظرة لمنزلة القرآن الكريم في فكرنا الديني. لذلك طلبت أفضل محقق وشارح لنصها في لحظة العودة الحديثة إلى هذه الدراسات بشهادة ثاني أكبر محققيها بعده: شهادة السيد داود روس.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات