يعتبر هذا الكتاب، الذي صدر سنة 1927 ، وثيقة تاريخيّة وفي نفس الوقت شهادة،
لأنّ الطاهر الحدّاد صوّر الوضع السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ الذي كان سائدا
في إيالة تونس قبيل انتصاب الحماية الفرنسية سنة 1881 ، فوصف بكلّ دقّة إضراب
عمّال الرصيف بتونس ثم ببنزرت )مطالبهم، صدى حركتهم، أقوال الصحف المحليّة،
موقف الحكومة الاستعماريّة، الواقعة والإيقافات...( ثم تعرّض لظروف تأسيس
جامعة عموم العملة التونسية وأوجه نشاطها الدعائي قبل التطرّق إلى إضراب حمّام
الأنف الذي اتخذته السلطات ذريعة لإيقاف أبرز القياديّين النقابيّين ومحاكمتهم
وإبعادهم.
لكنّ الطاهر الحدّاد لم يكن مؤرّخا عاديّا ولم يتبنّ موقفا حياديّا بدعوى «موضوعيّة »
وهميّة، بل أعلن مناصرته للمستغَلّين المغلوبين على أمرهم وهم العمّال التونسيون،
مبرزا استغلال الشركات الرأسمالية لهم بمساندة حلفائها )السلط الاستعمارية
والبوليسيّة والصحافيين المأجورين والنقابيّين المأمورين...(. ولقد كان مؤلّف هذا
الكتاب شاهدا لجلّ الأحداث، وكان دوره في الدعاية للجامعة أساسيا، كما كان دوما
إلى جانب رئيس الجامعة، محمد علي الحامّي، الذي كانت تربطه به صداقة متينة،
وكان مستشارَه الذي يبوح له بسرّه وبدا في كلّ المناسبات من أكبر المدافعين
عنه.
وختم الطاهر الحداد كتابه بقوله : «من رأيي أن تسبق الحركات الاجتماعية،
وبالأخصّ الاقتصادية منها، دعاية عامّة تشرح حقيقتها وأصول أعمالها وواجب عموم
الشعب فيها، وتطهّر أوساطه من جراثيم الأفكار القاتلة .»
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات