هذه صفحات تكاد تكون مجهولة، شأنها في ذلك شأن جلّ التراث الموريتاني الذي مازال معرّضا للضياع بسبب الإهمال وتضافر عوامل الاندثار وانعدام وسائل التوثيق والنسخ. ومن نصوص هذا التراث ثلاث رسائل، كتبها الشيخ محمد اليدالي ) 1685 - 1753 ( الذي نشأ في ظروف قاتمة حيث شلت حركة الاقتصاد وعمت الفوضى بسبب الحرب الدائرة بين العرب وزوايا «القبلة .» يعتبر اليدالي واضع أسس النهضة العلميّة في القبلة بتعليمه وبمصنّفاته الجزيلة المتنوّعة في التصوّف وعلم الكلام والفقه وعلوم القرآن والبيان والسيرة. أمّا في مجال التاريخ والإصلاح الاجتماعي، فقد عالج أخلاقيات ومذاهب الزوايا في كتابه «شيم الزوايا » في طورها الأمثل والأكمل. وتعرّض إلى سلوكيّات أبناء زمانه معرّضا بها في «رسالة النصيحة في الأمر بالمعروف .» وفي كتابه «أمر الوليّ صلاح الدّين » تحدّث اليدالي طويلا عن الإمام ناصر الدين وكراماته، وعن إنشاء دولته الإسلاميّة، وأشار إلى فتوحاته واسترسل في تفاصيل حرب شرببّه بين حسّان والزوايا، مفصّلا وقائعها وأسماء من مات فيها من الأعلام ومبيّنا أسبابها ونتائجها، وانتهى إلى تحليل واف لدواعي هزيمة الزوايا وانتصار حسّان عليهم.