لئن كان هذا الكتاب يهمّ بالدرجة الأولى المؤرّخين والباحثين المختصّين، فهو
يفيد أيضا كلّ من يتطلّع إلى معرفة تاريخ الوطن العربيّ، وخاصّة تاريخ موريتانيا
السياسيّ والثقافيّ. كان مؤلّفه الشيخ محمد فال بن بابه العلوي ) 1849 - 1930 م(
فقيها مالكيّا ومتصوّفا وطبيبا، ومازالت آثاره كلّها مخطوطة.
في هذا التاريخ السياسي لإمارتَيْ البراكنة والترارزة، لم يكتف المؤلّف، كسابقيه،
بتسجيل حوادث السنين، بل استفاد من مصادر مكتوبة )مثل «شيم الزوايا » لمحمّد
اليدالي، و «منظومة ابن حجاب » وغيرها( ومن مصادر شفويّة بحكم صلاته بشخصيّات
من القبائل شاركت في تاريخ الإمارتين السياسيّ والعسكريّ، فضلا عن صلاته ببعض
الأمراء الذين عاصروه. وعلاوة على ذلك، كان شاهد عيان فيما يخصّ أحداث النصف
الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي.
تحدّث المؤلّف في البداية عن قبائل بني حسّان العربيّة التي دخلت صحراء شنقيط
في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي، ثم خلص إلى إمارتي البراكنة والترارزة
الواقعتين في أقصى جنوب موريتانيا، وتتبّع تسلسل أمراء كل إمارة على حدة،
ووصف الصراعات الداخليّة المستمرّة التي كانت تعتمل فيها، وبينها وبين جيرانها،
إلى أن سقطت في قبضة الاستعمار الفرنسي.
وفي الكتاب فهارس عديدة للأعلام والقبائل والعشائر والأماكن والحروب، وفيه
أيضا تعاليق ضافية، تاريخيّة واجتماعيّة ودينيّة، تساوي في قيمتها وفوائدها النصّ
الأصليّ.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات