تتلخض أهمية هذا الكتاب المختصر في كونه قد نجح في كسر طوق المنع و التحريم على علوم الحكمة ,بعد قرابة القرن من وقوع الفضاء الثقافي العربي الإسلامي تحت تأثير حملات المحدثين و بعض المتكلمين,التي أوجدت منظومة استدلالية فقهية عقائدية ,أدت إلى تكفير الفلاسفة و تحريم الفلاسفة .و قد حاول القاضي أبو الوليد بن رشد القرطبي إخراج الأمة من النطاق الخانق الذي حشرتها فيه هذه المنظومة.و مع أن "فصل المقال"قد كتب لمثقفي القرن السادس للهجرة,و ليس لعامة الناس في كل عصر,فإن أهمية النكات العلمية و المناهجية التي يزخر بها تجعل منه مفكرة ثقافية مفيدة,و مكملا دراسيا و ضروريا لكل من أراد دخول ساحة العلم الشرعي في عصرنا .و تتأكد الحاجة إلى ترويج هذا الكتاب في عصرنا بعد معاينة تمكن الحشوية الجدد من إحياء كل النعرات و التعصبات القديمة التي سعى مصلحو الأمة في القرنين التاسع عشر و العشرين,من الأفغاني و عبده إلى الحداد و ابن عاشور,إلى تجاوزها ,و ظن المتفائلون أنها قد قبرت بلا رجعة.و لا شك أن مهمة القضاء على وهم التعارض بين الشرع و العقل ما تزال محتفظة بكل راهنيتها ,حتى بعد دخول البشرية في عصر ما بعد الحداثة.بل لعل المبررات الجديدة لإعادة فتح هذا الملف,هي أشد و أكثر إلحاحا من تلك التي دعت قاضي قضاة الموحدين لكتابة رسالته هذه
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات