عظمة الثقافة العربية هي عظمة العقل و التعقل بما أنها كانت و مازالت تبحث عن معرفة الواقع العميق للأشياء و عن كينونتها و ماهياتها فجاءت الفلسفة لتكون رافدا من روافد معرفة المبدأ الأوّل لكلّ معرفة ممكنة، معرفة الحق التي تتطلب تأملات فتح الكلام أبوابها و أصّلتها الفلسفة تأصيلا نهائيا. والعقل يفرض المرور دائما من التأمل إلى العمل أو بالأحرى إلى إيجاد تطبيقات ممكنة في الممارسات اليومية المختلفة، في الأخلاق و السياسة مثلا، حيث سيكون العقل آلة لمعرفة الماهيات و سيكون أيضا جودة التمييز في الممارسات و الأعمال و الأحداث ففي هذا الكتاب سنحاول أن نقدم إلى القارئ مجالين لتمظهر هذا التعقل نظرا وعملا : مجال أوّل هو مجال علم الميكانيكا حيث يتمظهر العقل في البحث عن حقيقة الأشياء بواسطة الانتزاع و التجريد و في الآن في ضمان التحوّل من المنتزع إلى العيني و المحسوس و مجال ثان هو مجال التاريخ و الأنتروبولوجيا أو ما سميناه بعلم تاريخ الحضور حيث يرتبط العقل بالملاحظة و التبصّر و التدبّر.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات