هذا الكتاب هو شهادة حقيقيّة على عصر تونسي مضطرب، من حكم الحبيب بورقيبة إلى زين العابدين بن علي إلى الثّورة عليه وما بعدها، سنجد الكثير من الخلفيّات والأسرار الّتي ربّما تُنشَر للمرّة الأولى، ليس فقط عن بدايات حركة إسلاميّة تونسيّة، اختلفت التّقييمات حولها وما تزال، وإنّما أيضا عن كواليس السّياسة في تونس قبل الثّورة وبعدها، وكذلك عن الكثير من المحطّات الّتي عرفتها الحركة الحقوقيّة في تونس مع «الرّابطة التّونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان» الّتي وُلدت وترعرعت في مناخات متوتّرة، وعرفت في صفوفها رجالا ما زال يُشار إليهم بالبنان.
وفي الكتاب سنلتقي بشخصيّات من المهمّ جدًّا أن نقف على إسهاماتها المختلفة في الحياة السّياسيّة لتونس مهما تباينت التّقييمات بشأنها مثل راشد الغنّوشي وعبد الفتّاح مورو وحسيب بن عمّار وأحمد المستيري وخميّس الشّمّاري ومنصف المرزوقي والباجي قايد السّبسي وغيرهم.
وما يجعل للكتاب قيمة أخرى، إلى جانب ما سبق، هو أنّه من نوعيّة قليلة أو حتّى نادرة بين الصّحفيّين التّونسيّين الّذين أقدموا على نشر كتب توثّق تجاربهم الّتي تتجاوز شخوصهم لتشكّل لبنة قد يعود إليها المؤرّخون الآن أو لاحقًا لسدّ فراغات هنا أو هناك لمراحل من تاريخ بلاد عرفت الكثير من التّجارب، وتأرجحت دائمًا بين الاستبداد والانفتاح، الاختناق والأمل، دون أن تستكين بالكامل يوما للاستبداد وإن ظلّت عاجزة، حتّى اليوم، على معانقة الدّيمقراطيّة، كما أرادتها وحلمت بها لأجيال متعاقبة.
محمّد كريشان
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات